موت بعض الناس
كان يدرس معي في المرحلة الثانوية طالب
رثّ الهيئة، متّسخ الثياب، يحضر إلى المدرسة على سيارة قديمة متهالكة، تمشي
به حيناً، ويمشي بها أحياناً، فتراه مرةً في داخلها وهي تسير به، ومرات هو
في خارجها يدفعها بكل جهده أملاً في أن تشتغل، وما أكثر ما رأيته فاتحاً
غطاءها يهندس فيها. أما في داخل المدرسة فلم يكن معه مال يشتري به ما يأكل
أو يشرب، بل كان يظل في وقت الفسحة داخل الفصل حتى تنتهي، أو يجلس في ظل
سور المدرسة يتأمل الناس بحسرة وألم.
بعد مدة افتقدنا الطالب أياماً لم يحضر إلى لمدرسة، ثم سمعنا عن وفاة
والده، وبعد شهرين حضر إلى المدرسة بسيارة تتجاوز قيمتها (200.000) ألف
ريال، وبثياب فاخرة، وهيئة حسنة، فتعجبنا من هذا الانقلاب المفاجئ، وصرنا
نتساءل بحثاً عن السر، حتى عرفنا أن والده المتوفي كان أحد أكبر الأثرياء،
وأن ما ورثه ابنه هذا الذي أتكلم عنه بلغ (100) مليون ريال!! هذا هو نصيب
هذا الابن فقط الذي كان يعيش في فقر وذلة وانكسار. وأنا اليوم أتذكر هذه
الحادثة فأردد معها قول أبي العتاهية:
موتُ بعضِ الناسِ في الأرْ
ضِ، على بعضٍ فتوحْ
نعم.. فهذا الابن لم يتمتع بالنعمة إلا بعد وفاة والده الذي كان مضيقاً
عليه، يحرمه من الاستمتاع بنعمة المال التي منّ الله بها عليه، وماذا كانت
النتيجة؟ انتقل كل ما كان يحرسه الأب من الأموال ويمنع أبناءه منه فصار بين
أيدي أبنائه المحرومين بلا حارس ولا رقيب، فلم تكن وفاة الأب عليهم مؤثرة،
حتى إني لم أسمع ابنه ذاك الذي يدرس معنا يذكر والده أو يترحّم عليه.
إن المال وسيلة لا غاية، لكنه عند بعض الأثرياء غاية في ذاته، حتى إن أحد
هؤلاء ممن أعرفهم شخصياً كان يقول: إن سعادتي ليست في الشراء أو الاستمتاع
بمباهج الحياة، بل في جمع المال والتأمل في حجم رقم حسابي. وكان هذا الرجل
الذي نطق بهذا القول يعيش في شقة قديمة في منطقة شعبية، ولا أبالغ حين أقدر
ثروته بـ (500) مليون ريال.
إن الحياة قصيرة، وما أنعم الله على عبد نعمة إلا ليرى أثرها عليه، فاستمتع
بحياتك، واترك التقتير والشح، فإن كان الله قد وسّع عليك فوسّع على نفسك
لترى وجه الحياة المشرق.
نعم.. إن للحياة وجهاً مشرقاً في غاية الروعة والجمال، لكنها تغطّيه عن
الأشحاء، وتكشفه لمن يدفعون، وبقدر ما تنفق ترى جمال وجه الحياة، فليكن
مالك حلالاً،وإنفاقك حلالاً،لرازقك فيه حق،ولنفسك فيه حقوق،فلا تحرم نفسك
وقد أنعم الله عليك، وتأكد أن المال لا يكون لك حتى تنفقه، لأن إمساكك
إياه، ووقوفك عليه حارساً يجعلك مملوكاً له لا مالكاً عليه، وما دام المال
ورقاً بين يديك فإنه يظل بلا فائدة حتى تنفقه، وهذا ما يؤكده البيت الشعري
القائل:
أنتَ للمالِ الذي أمسكتَه
فإذا أنفقتَـه فالمـالُ لكْ
نعم.. (فإذا أنفقته فالمال لك)، فلتكن نفسك سمحة، ويدك كريمة، لتحس بطعم الحياة ..
نقلا عن صحيفة رسالة الجامعه الصادرة عن جامعة الملك سعود
العدد1018
كان يدرس معي في المرحلة الثانوية طالب
رثّ الهيئة، متّسخ الثياب، يحضر إلى المدرسة على سيارة قديمة متهالكة، تمشي
به حيناً، ويمشي بها أحياناً، فتراه مرةً في داخلها وهي تسير به، ومرات هو
في خارجها يدفعها بكل جهده أملاً في أن تشتغل، وما أكثر ما رأيته فاتحاً
غطاءها يهندس فيها. أما في داخل المدرسة فلم يكن معه مال يشتري به ما يأكل
أو يشرب، بل كان يظل في وقت الفسحة داخل الفصل حتى تنتهي، أو يجلس في ظل
سور المدرسة يتأمل الناس بحسرة وألم.
بعد مدة افتقدنا الطالب أياماً لم يحضر إلى لمدرسة، ثم سمعنا عن وفاة
والده، وبعد شهرين حضر إلى المدرسة بسيارة تتجاوز قيمتها (200.000) ألف
ريال، وبثياب فاخرة، وهيئة حسنة، فتعجبنا من هذا الانقلاب المفاجئ، وصرنا
نتساءل بحثاً عن السر، حتى عرفنا أن والده المتوفي كان أحد أكبر الأثرياء،
وأن ما ورثه ابنه هذا الذي أتكلم عنه بلغ (100) مليون ريال!! هذا هو نصيب
هذا الابن فقط الذي كان يعيش في فقر وذلة وانكسار. وأنا اليوم أتذكر هذه
الحادثة فأردد معها قول أبي العتاهية:
موتُ بعضِ الناسِ في الأرْ
ضِ، على بعضٍ فتوحْ
نعم.. فهذا الابن لم يتمتع بالنعمة إلا بعد وفاة والده الذي كان مضيقاً
عليه، يحرمه من الاستمتاع بنعمة المال التي منّ الله بها عليه، وماذا كانت
النتيجة؟ انتقل كل ما كان يحرسه الأب من الأموال ويمنع أبناءه منه فصار بين
أيدي أبنائه المحرومين بلا حارس ولا رقيب، فلم تكن وفاة الأب عليهم مؤثرة،
حتى إني لم أسمع ابنه ذاك الذي يدرس معنا يذكر والده أو يترحّم عليه.
إن المال وسيلة لا غاية، لكنه عند بعض الأثرياء غاية في ذاته، حتى إن أحد
هؤلاء ممن أعرفهم شخصياً كان يقول: إن سعادتي ليست في الشراء أو الاستمتاع
بمباهج الحياة، بل في جمع المال والتأمل في حجم رقم حسابي. وكان هذا الرجل
الذي نطق بهذا القول يعيش في شقة قديمة في منطقة شعبية، ولا أبالغ حين أقدر
ثروته بـ (500) مليون ريال.
إن الحياة قصيرة، وما أنعم الله على عبد نعمة إلا ليرى أثرها عليه، فاستمتع
بحياتك، واترك التقتير والشح، فإن كان الله قد وسّع عليك فوسّع على نفسك
لترى وجه الحياة المشرق.
نعم.. إن للحياة وجهاً مشرقاً في غاية الروعة والجمال، لكنها تغطّيه عن
الأشحاء، وتكشفه لمن يدفعون، وبقدر ما تنفق ترى جمال وجه الحياة، فليكن
مالك حلالاً،وإنفاقك حلالاً،لرازقك فيه حق،ولنفسك فيه حقوق،فلا تحرم نفسك
وقد أنعم الله عليك، وتأكد أن المال لا يكون لك حتى تنفقه، لأن إمساكك
إياه، ووقوفك عليه حارساً يجعلك مملوكاً له لا مالكاً عليه، وما دام المال
ورقاً بين يديك فإنه يظل بلا فائدة حتى تنفقه، وهذا ما يؤكده البيت الشعري
القائل:
أنتَ للمالِ الذي أمسكتَه
فإذا أنفقتَـه فالمـالُ لكْ
نعم.. (فإذا أنفقته فالمال لك)، فلتكن نفسك سمحة، ويدك كريمة، لتحس بطعم الحياة ..
نقلا عن صحيفة رسالة الجامعه الصادرة عن جامعة الملك سعود
العدد1018
الجمعة يناير 14, 2011 6:55 am من طرف احمد ابوملك
» ۞۞ غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم كاملة ۞۞
الخميس يناير 13, 2011 8:08 am من طرف احمد ابوملك
» حصريا : كتاب اليكترونى به قصص جميع الأنبياء
الخميس يناير 13, 2011 8:03 am من طرف احمد ابوملك
» 23 برنامج إسلامي - برابط واحد مباشر
الخميس يناير 13, 2011 5:25 am من طرف احمد ابوملك
» حاديث للرسول الكريم فى فضل القرآن
الخميس يناير 13, 2011 4:51 am من طرف احمد ابوملك
» اسئلة لمراجعة سور القرءان
الخميس يناير 13, 2011 4:48 am من طرف احمد ابوملك
» أجمل ما يمكن أن تقرأ في تفسير سورة البقرة
الخميس يناير 13, 2011 4:44 am من طرف احمد ابوملك
» (تعلموا القرآن: فإنه توحيد خالص ومعجزة باقية وعلم لا ينقطع)
الخميس يناير 13, 2011 4:35 am من طرف احمد ابوملك
» ( ۞ ) إلى أهل الإيمان .. ندائات الرحمن من آيات القرآن ( ۞ )
الأربعاء يناير 12, 2011 10:39 am من طرف احمد ابوملك